جنازة المرنم بيتر مجدي "داود جيله"... تتحول لفرح بحضور الآلاف
مارينا القس برسوم
١٧ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٢ : ١١ مساءا
فى تأهب عظيم انتظر الآلاف لحظة دخول موكب جثمان المرنم بيتر مجدي حتى امتلأت أرجاء الكنيسة بالتصفيق تحية له الى أن استقر الجثمان أمام منبر التسبيح بكنيسة قصر الدوبارة – بالتحرير، حيث خدم وسبح طول رحلة غربته على الأرض بعد أن أنهاها بصراع مع مرض السرطان عن عمر يناهز 39 عاما.
وقد شارك فى مراسم الجناز القس أندريا زكى ،رئيس الكنيسة الإنجلية بمصر، والقس رضا عدلى ،رئيس السنودس الإنجيلي، القس سامح موريس ،راعي كنيسة قصر الدوبارة، القس سليمان صادق ،راعي الكنيسة الإنجيلية بالفجالة، الدكتور ماهر صموئيل والقس محي زاخر، رئيس مجمع كنائس القاهرة.
بدأت فعايات مراسم الجناز بصلاة للقس سامح حنا، طالبا تعزيات الروح القس تنسكب في قلوب الحاضرين لتعزى ألم فقدانهم لبيتر وتثبيت إيمانهم فى صلاح الله .
ثم أخذ قائد التسبيح، لبيب مشرقي، الشعب ليصعد بهم بالروح حيث عرش الأب كما كان يسبح مع تلميذه النجيب بيتر من قبل، وكأنهم صاروا يشوع وكالب بن يفنه الذين تجسسوا أرض الموعد وجاؤا مبشرين الشعب بالأرض التى تفيض لبنا وعسلا.
” ثم رأيت سماءا جديدة وأرضا جديدة” هكذا تابع الدكتور القس ناجى موريس بكلمات كتابية أشارت إلى الأقوال الأمينة التي جاءت بالكتاب المقدس من سفر الرؤيا، وأيضا من رسالة معلمنا بطرس الأولى حيث رسخت في قلوب المؤمنين بأنه ينبغى لنا أن نمتحن بتجارب متنوعة حتى يستعلن لنا المجد والكرامة في الأبدية .
وبدموع حارة وقف القس سليمان عدلي يرثى أبن صديقه الشيخ مجدي وديع (والد بيتر)، وبإعلان الروح القدس شبه صديقه بيعقوب الذي ناح وبكى عندما آتو أخوة يوسف بقميصه ملطخا بالدماء وقالوا له قميص أبنك هذا؟ ، فقال يعقوب وحش ردئ أفترس ابني إفتراسا، وعاش يعقوب وهو يبكي يوسف، ومضت السنين والأيام وجاء أخوة يوسف ورأوه فى مصر ورجعوا من مصر إلى كنعان وذهبوا إلى يعقوب قائلين يوسف حي بعد متسلط فى أرض مصر، وجمد قلبه وقال اسرائيل “كما ذكر الكتاب المقدس وليس يعقوب” كفى ابني يوسف حى أذهب وأراه، هكهذا تجلى إعلان الكلمات المقدسة لتجسد نفس المشهد الحي الذي عاش به والد بيتر بعد أن صارعه وحش المرض لمدة عامين حتى أفترسه وقال كفى أتعاب وكفى ألم لأن بعين الإيمان بيتر الأن حى فى ملكوت السموات .
وبعد أن هتف الكورال بتسيحة الرب الصالح، وقف الدكتور القس أندريا زكي على المنبر يدفع كلمات التشجيع لقلوب المؤمنين لمواجهة الخوف والانتصار عليه، ولأن الموت هو العبور إلى المجهول حتى أن الكتاب المقدس لن يحدثنا كثيرًا عن الحياة بعد الموت، والسيد المسيح أقام ابنة يايرس ولعازر ولكننا لا نعرف الكثير عن حياتهم بعد القيامة، لكن المعجزة الكبرى هى قيامة السيد المسيح نفسه، وكانت قيامة روحية وجسدية ليعلن لنا أن القيامة تقهر الخوف وأيضا تقهر الموت، وقال نحن نودع “بيتر” إلى السماء نعرف أنه واجه الخوف وانتصر على الموت، والأمر الثاني رأيته من حياته هو أن القيامة تقهر الزمن، فدائما لايكون الزمن صديق الأنسان وما يحوية من أسرار لكل واحد منا، فالنتيجة ليست بعدد سنوات حياة الإنسان، كما يوجد أناس عاشوا سنوات طويلة ولن يتركوا لهم أي بصمات، وأناس أخرى عاشوا سنوات قصيرة وألهموا المئات والآلاف والملايين. وتابع: “أنا اعرف بيتر وحياة بيتر بسنواتها القليلة كانت أنشودة ترنيمة كلماتها مؤثرة ولحنها جميل .
وبعد انتهاء صلاة القس محي زاهر، ألقى القس رضا عدلي كلمات تعزية التى بدأها بمباركة اسم الرب الذي وهب بيتر الينا ورده إليه مرة أخرى، وقال: لن يعز أبدا بيتر على الرب الذي اشتراه، فكنت افكر في رحلة كل مننا على الأرض فاستدعيت حوار الرب مع القديس بطرس في الأيات الأخيرة من بشارة يوحنا، حيث يعلق يوحنا مشيرًا إلى أية ميتة كان مزمعا أن يمجد الله بها، ولما قال له هذا ..قال اتبعني” ونحن نشكر الرب من أجل بيتر الذى مجد الله من خلال الألم .
ثم شارك ثلاثة من الذين تعاملوا مع بيترخلال ثلاث قطاعات مختلقه وهم الأخت نادرة نبيل زميلته بمكتبة الكنيسة، حيث أشارت الى الدور الرعوي الذى كانت تلاقته من قبل بيتر عكس ما كان يفكر بأنه هو الذى يتعلم منها بحكم أنها تسبقه بالعمر،ولكن الحقيقة هى التى تعلمت منه كل شئ. وشهدت عن فضيلة التواضع والمرح و العطاء ومعاملاته المميزة مع جميع الناس، كما أن الله قد أعطاه موهبة فريدة لا توجد إلا فى حبيبه يسوع وهى أن كل شخص يتعامل معه يشعر انه صديق شخصي له .
وكما تعهد يوناثان لداود تعهد صديقه الدكتور نادر سامح وشريكه فى الخدمة بالكنيسة بأنه سوف يحافظ على الميراث الذى تركه بيتر فى الخدمة بأن يكمل مسيرة التبسيح ومحبة جميع الناس، حيث شارك بكلماته موجها حديثه للنعش الذى يرقد به صديقه قائلا: “اشهد امام الجميع أنك أحلى صديق لانك دائما تشجعني، وأنك اقوى مثل لجيلنا في انتمائك وتواضعك وعطائك، أنت داود جيلنا الذى كان بقودنا للتسبيح وندخل فى أثرك لمحضر الله.” وختم بالشكر إلى الرب على هدية تدعى بيتر وعلى درس عنوانه بيتر ، وابدية يوجد فيها بيتر .
ثم جائت آخر مشاركة لتلميذته سوزي سعيد قد تلقت تعليم التسبيح من خلال بيتر، وقد تعهدت بحفظ أمانة خدمة التسبيح التي أمنها بمسؤليتها قبل أن يرحل بمدة قصيرة. وقالت: “أن بيتر كان له دور في تغير نمط حياتي حتى أصبح يوجد معنى حقيقى وهدف ليومي.” و أشارت إلى اهتمامه بفريق التسبح حتى في أحلك ظروف مرضه، حتى قال لها قبل أن يدخل فى عمق المرض وشدد على يدها قائلا لها بأنه لن يكن متواجد معهم وأمانتك هى فريق التسبيح ،فزعمت انه سيرتاح لمدة ثم يعود ولكنه أكد لها بانه سيمضى إلى الأب السماوي.
ثم عاد القس محب ميلاد ليقود الشعب بصلاة من أجل الثمر الذي استخدم به الرب بيتر من أجل الشباب. ثم تابع الدكتور ماهر صموئيل كلمته التي وصف بها آخر لقاء مع بيتر بإعلان شوق بطل منتصر قد أنهى الرسالة وحن للقاء حبيبه مشتاقًا الى العرس، وأشار إلى الحديث الذى دار بينه وبين بيتر قبل انتقاله، وكان عن صبر المسيح حيث قال له الدكتور صمؤئيل بأنه يرى فيه صبر المسيح، من ثبات ومثابرة على المرض كما تفوق في تحمل التعزيات المؤلمة من البعض معللا بانهم يحبونه وهذا ما لم يستطيع أن يفعله ايوب، فكان لديه صبر المسيح وليس صبر أيوب .
وفى ختام المراسم جائت شهادة القس سامح موريس بأن بيتر أفضل من قادوا التسبيح، وقال انه لم يكن أبنا لوالديه فقط، بل كان ابنا له ايضا. وافتخر بأنه لديه ابن وتلميذ نجيب مثل بيتر، وشهد له بانه كان الصديق الألصق من الاخ لدى الجميع، وايضا أبًا لأمم من الناس، وكان زوجا فقط لزوجته أميرة وعريسا للمسيح أحبه وغنى له وتعلق به، وأخير اشتاق إلى حفل زفافه، ولكن لماذا سكة الألم هذه؟!وكم الصلوات التى رفعت بجنون وبدموع وصراخ ايام طويلة من أجل بيتر للشفاء ؟!
كل هذة الاسئلة أجاب عليها بيتر من خلال صلاة مسجلة بصوته أذيعت فى مراسم الجناز ملخص رسالته للكنيسة قال بها: “أكيد هعيش معاه وهشوفه ودي أحلى حاجة ممكن تحصلي في حياتي، ولو أنا من هنا مش بحبه ما اعتقدش أن دي هاتبقى حاجة تفتح النفس لو شايف الألم بيعمل في حياتي ايه؟ ..هاعرف استحمله ..مش بس استحمله ..بالعكس ده يبقى عندي استعداد ليه وأطلبه، زي ما مكتوب متسلحين بنية الألم، ياربي كأني أقف قدامك وأقولك لو هو ده اللي هايعمله في حياتي نعم .. أبعت.. ابعت ألم، ربنا عمال يتكلم معانا على رجائنا، أن أنا زيه وإن أنا شايفه زى ما هو، أنا شايفه على طول أنا رجائي مش في ربنا يخلينى أنتصر على الخطية ولا رجائي في انه يخليني اخف، أنا رجائي في أن أعيش معاه وإنى أشوفه وإن يجي اليوم اللى عني تشوفه فيه زي ما هو على طول، واكون زيه ، أمتى بقى تطلعنى عندك وأشوفك على طول ؟ أمتى بقى عنيي تتفتح وأشوف جمالك؟ أمتى ما يبقاش خطيتى وجسمى الفاسد ده بيأثر على رؤتى ليك؟ أمتى أبقى معاك على طول، علمنى ان دى الصلاة اللى تكون جوايا عايز أشوفك …عايز أشوفك.. عايز أشوفك.. “
وإلى هنا وضع بيتر أمضاء بحياته التي شهدت عن المسيح بأمانة، وانطلق من قيود الجسد الى غير المحدود وغير الزمني هاتفا أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا هاوية، زافرا اكليل المجد السماوي، مسبحا الأسد الغالب أمام عرشه متحدا مع الأربعة والعشرين قسيا وهم يترنمون كترنيمة جديدة أمام العرش ولم يستطيع أحد أن يتعلم الترنيمة إلا الذين اشتروا من الأرض .
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.